الضمانات القانونية لبائع عقار قيد الإنشاء

إن التزام المشتري بأداء ثمن العقار عبر أقساط واحترام مواعيد الأداء تبعا لتقدم أشغال البناء، يجد فلسفته في رغبة المشرع في حماية هذا الأخير والتخفيف عنه من التزام مرهق بأداء الثمن دفعة واحدة.
 
أعطى القانون 44.00 البائع في حالة رفض المشتري إتمام البيع حق اللجوء إلى المحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد.
والملاحظ أن مضمون الفصل 19-618 من القانون رقم 44.00 لا يختلف عما جاء في إطار المبادئ العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع خاصة الفصل 259 منه الذي ينص على أن المدين إذا كان في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ الالتزام ما دام تنفيذه ممكنا، فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين.
وعليه ففي حالة مطالبة البائع المشتري بإتمام البيع، يتعين عليه أن يوفي بالتزاماته، وعند استجابة المحكمة لطلبه، فالحكم النهائي الصادر عنها في هذه الحالة يعتبر بمثابة عقد نهائي بالنسبة للعقار المحفظ وواجب التسجيل بالسجل العقاري إذا كان العقار غير محفظ وقد سعى المشرع لحماية البائع في ظل قانون 107.12، وحتى لا يفتح الباب لسيء النية من المشترين، بأن يستغل بصفة تعسفية ومتعددة هذا الحق، يقترح على أنه لا يجوز للمشتري أن يجري على العقار أي تقييد احتياطي بناء على عقد البيع إلا في حالة أدائه 50 بالمائة من ثمن البيع ويمكن التفكير، في المدى المنظور، في النقل التدريجي للملكية، سعيا إلى تعزيز آليات ضمان حقوق الملكية. ويقتضي إعمال هذا الإجراء إصلاح التشريعات المتعلقة بالتحفيظ العقاري، وسيؤدي تفعيله إلى تعزيز فعلي للضمانات الممنوحة للمشتري.
غير أن البائع قد يفضل المطالبة بفسخ العقد في حالة رفض المشتري إتمام البيع بالنظر للظروف التي يعرفها سوق العقار والطلب المتزايد على الأماكن المبنية، حيث من السهل على البائع إيجاد مشتر آخر وبسعر أعلى، هذا فضلا على أن سلوكه مسطرة الفسخ تمكنه من الحصول على تعويض إذا قضت المحكمة بالفسخ.
لا تتحقق الغاية من إبرام عقد البيع إلا إذا تمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع على نحو قانوني أو اتفاقي أو عرفي، ولتحقيق هذه النتيجة فإن البائع يتعين عليه أن يفي بالتزامين أساسيين، أن يمتنع هذا البائع عن كل فعل أو إجراء من شأنه المساس بالحيازة الهادئة وأيضا ضمان الاستحقاق عندما تتحول التعرضات من مجرد التشويش على المشتري إلى نزع الملكية منه كليا أو جزئيا.
 
فالتعرض أو التشويش قد يصدر من البائع أو قد يقع من قبل الغير، ففيما يخص التعرض الشخصي، أي الصادر من البائع فهو يضمنه سواء كان ماديا أو قانونيا.
والتعرض المادي هو كل فعل يقوم به البائع ويترتب عليه التشويش على حيازة المشتري للمبيع دون أن يستند في ذلك على أي حق يدعيه على المبيع، مثال أن يمنع المشتري من دخول الشقة المبيعة وانتفاعه بها، في حين التعرض القانوني يقصد به التعرض الذي يقوم على أساس قانوني يتمثل في ادعاء البائع حقا على الشيء المبيع كادعائه ملكية الشيء المبيع، استنادا إلى عدم تقييده بالرسم العقاري، ونشير هنا أن التعرض لا يقبل التجزئة.
لكن المشتري قد يجد نفسه في مواجهة أجنبي يطالبه بحق على العقار المبيع، بحيث يكون ملزما بتعرض الغير دفاعا ونيابة عن المشتري في تملكه للعقار المبيع.
 
نورا أفرياض