عقد الهبة في مدونة الحقوق العينية
عرف المشرع المغربي الهبة بموجب المادة 273 من مدونة الحقوق العينية بأنها تمليك عقار أو حق عيني عقاري لوجه "الموهوب له في حياة الواهب بدون عوض".
وإذا كان الأصل في العقود هو اللزوم أي أن العقد يلزم طرفيه ولا يستطيع أحد الطرفين المتعاقدين بعد العقد التحلل من الالتزامات التي يرتبها هذا الأخير بإرادته المنفردة لأن في ذلك تغيير في المراكز القانونية.
إلا أن هنالك استثناءات من بينها إمكانية الرجوع في الهبة من لدن الواهب إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع، وقد أشار المشرع المغربي بمقتضى مدونة الحقوق العينية لحالات الرجوع في الهبة كما أنه حدد وعدد الموانع التي تحول دون استعمال هذه المكنة تكريسا وترسيخا لمبدأ استقرار المعاملات.
وفيما يخص اعتصار الهبة، فقد نظمها المشرع المغربي بمقتضى المواد من 283 إلى 289 من مدونة الحقوق العينية.
وإذا كان المشرع عادة لا يتدخل في مسألة التعريفات باعتبار أنها متروكة للفقه والقضاء، فإن المادة 283 من مدونة الحقوق العينية عرفت الاعتصار بأنه ” رجوع الواهب في هبته…” وعليه يمكن القول، أن الاعتصار حالة استثنائية ترد على عقد الهبة إذا ما تحققت حالات معينة واردة حصرا تجيز للواهب إرجاع الشيء الموهوب وانتفت موانع تحول دون ذلك.
كما عرف المشرع المغربي بدوره الاعتصار بموجب المادة 283 من مدونة الحقوق العينية بقوله “رجوع الواهب في هبته ويجوز ” …في حالتين
والملاحظ أن المشرع المغربي لم يترك باب الاعتصار مفتوحا على مصراعيه، وإنما حدد الحالات التي يحق فيها للواهب الرجوع في الهبة على سبيل الحصر وهكذا سنقسم هذا المطلب الى فقرتين سنعالج في الأولى، اعتصار الأبوين، على أن نتناول في الثانية، حالة العجز عن الإنفاق ورجوع الخاطب في هديته.
لم يفتح المشرع المغربي حق اعتصار الواهب للهبة على عواهنه، وإنما حدد حالات معينة واردة على سبيل الحصر لا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها.
انطلاقا من المادة 283 من م.ح.ع يتضح بجلاء أن المشرع خول للأب إمكانية اعتصار الهبة التي سبق أن وهبها لأبنائه سواء كانوا قاصرين أم راشدين ذكورا أو إناثا.
وتجد حالة اعتصار الأب لهبته سندها في القاعدة الفقهية القائلة ” الإبن لأبيه وما ملك” والتي تجد أساسها في الحديث النبوي الشريف: ” يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يحتاج مالي فقال أنت ومالك لأبيك “.
بعد تناولنا لحالة اعتصار الأب سنتطرق لحالة اعتصار الأم بناء على الحديث الشريف “لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع “فيها إلا الوالد فيما أعطى لوالده.
وتأسيسا على هذا الحديث ومن باب القياس، تم إلحاق حكم اعتصار الأم بالأب لتساويهما في مرتبة الوالدين لأن الوالد في اللغة يطلق على الأب والأم.
نورا أفرياض